النسق الغائي للأنطولوجيا العمليَّة عند كانط
عبد العزيز بومسهولي:
وهذا يعني أنَّ في نسق الأنطولوجيا العمليَّة تكمن صيغة إمكان الأخلاق، وما دمنا بصدد الأنطولوجيا العمليَّة عند كانط، فقد تتبعنا مختلف القراءات التي أوّلت إيجاباً أو سلباً هذا النسق الغائي، بدءاً من لوك فيري، وآلان رونو، مروراً بفشته وهيجل وكوجيف، وحتى لفيناس الذي يحمل مشروعاً مضادّاً لكلّ أنطولوجيا
تفترض هذه الأنطولوجيَّة شرطين لإمكانيتها: الأوَّل أنَّ المثال والواقع غير متطابقين دائماً، والثاني هو الحريَّة كإمكانيَّة لتحقيق الغايات الأخلاقيَّة كما هو الشأن في النقد الثاني، ويقدّم كانط في النقد الثالث فكرة نسق غائي للطبيعة، يغدو فيها الإنسان غاية أخيرة للطبيعة، بل كغاية غائيَّة، وهذه الغائيَّة ليست سوى الإنسان ذاته وفقاً لقوانين أخلاقيَّة، تكون بمثابة تجلٍّ للخير الأسمى، وهو ما يعني أنَّ بلوغ الكمالات الإنسانيَّة إنَّما يتمّ بناء على نسق الأنطولوجيا العمليَّة. ومن المثير أنَّ النقاش الفلسفي حول النسق الغائي لكانط لم يخرج عن دائرة الأنطولوجيا إلّا مع ليفناس، هذا الأخير ينازع كانط وكلّ فلاسفة الغرب حول الأنطولوجيا، معتبراً أنَّها ليست فلسفة أولى وليست سابقة على الميتافيزيقا، وبالتالي فليس للإيطيقا من أساس أنطولوجي، ما دامت غير مشاركة للوجود. لكن هل تكون الإيطيقا ممكنة من غير أنطولوجيا؟